تعتبر ليلة القدر في المغرب احتفالا دينيا بامتياز، حيث تحضى بعادات و طقوس خاصة تميزها عن باقي أيام الشهر الفضيل. ويتفق المغاربة في عرفهم، على أنها تصادف ليلة ال27 من رمضان.
تختلف هذه الليلة عن كل ليالي العام، و سواء كان الجو شتاءا أو صيفا، ذلك لا يهم، المهم هو إحياء هذه الليلة المباركة بالذكر و القيام و تلاوة القرآن.
و تتعطر المساجد بالبخور و رائحة المسك الطيب. و يدب النشاط في المصلين، في مشهد مبهر، يجعلك تتساءل، من أين لهم بكل هذه الطاقة و نحن على وشك إقفال شهر كامل من المشقة و الجوع و الصيام؟ ببساطة إنها عجائب رمضان، و كرامات الصيام.
في هذه الليلة، يحتفل الأطفال الصغار بأول يوم صيام لهم، يلبس الذكور الجلباب التقليدي، أما البنات يلبسن القفطان و يتزين بأبهى الحلي و يقومون بنقش الحناء، و بعد الإفطار يقدم لهم الكبار الهدايا، تحبيبا لهم في هذه الفرضية و استعدادا للصيام الذي سيلزمهم طول حياتهم.
على طاولة الإفطار تتجمع كل العائلة، و يتم تحضير ما لذ و طاب خصيصا لهذه الليلة المباركة. أما وجبة العشاء فغالبا ما تكون طبق كسكس أو الرفيسة. كما تحضر ربة العائلة أطباق إضافية تبعث للمسجد، و يتم تبادل الأطباق مع الجيران، إذ أن هذه الليلة مناسبة للصدقة و لتوطيد الصلة مع المعارف.
بعد الإفطار يصطحب الآباء أبنائهم للمسجد لاداء صلاة العشاء و التراويح. تستقطب هذه الليلة المصلين من كل الأعمار، و الراغبين في ختم كتاب الله، فتبقى المساجد مفتوحة إلى طلوع الفجر، كيف لا، و هي الليلة التي الصلاة فيها خير من الف شهر.
تتميز ليلة القدر في المغرب بطقوسها و عاداتها التي ترسخ للقيم الدينية من تكافل و تآزر و صلة أرحام، كما تحبب هذه الفريضة في الجيل الناشئ. وهي بذلك مدرسة مثالية، تشحن الصائمين بطاقة تكفيهم من حينها إلى رمضان القادم.