المرحلة الثالثة اسنا - ادفو - أسوان - السد العالي - أبو سنبل 
خريطة توضح خطة السير من الأقصر إلى أسوان ومكان المبيت في الصحراء
توجهنا بعد أن خرجنا من مدينة الأقصر نحو الجنوب بمحاذاة نهر النيل ... وممرنا في طريقنا بمدينة اسنا وأدفو وفيها يوجد بعض الآثار المتفرقة ... واصلنا سيرنا حتى وصلنا مدينة أسوان عاصمة الصعيد ... التي تبعد عن الأقصر قرابة 190كم ... وقد وصلناها قرابة الساعة 8.30م ... وكنا متعبين بعض الشيء بعد جولتنا الطويلة خلال يوم كامل في مدينة الأقصر ... كان أول ما لفت أنظارنا في أسوان هو تنظيمها وجمالها في الليل ... وفوق ذلك تلك الفنادق العائمة التي تبحر كل يوم من أسوان إلى الأقصر عبر نهر النيل ... في منظر خلاب جميل ... وتعود في رحلة طولها ثلاثة أيام تقريباً ... وعندما رأيناها أردنا أن نأخذ بعض المعلومات عنها وعن كيفية الحجز فيها ... وفعلاً أوقفنا سيارتنا على ضفاف النيل ونزلنا إلى إحداها ... وقد أبهرتنا بما رأينه فيها من وسائل الرفاهية التي لا تعجبني كثيراً ... وقد كان سعرها في الليلة الواحدة يتراوح من 200 جنيه إلى 800 جنيه حسب فخامة المركب العملاق ... ولكن ما عابها كثيراً أنه لا يرتادها سوى الأجانب الغرب الذين يجعلون منها مكان غير محتشم وغير مناسب لنا ولعاداتنا وتقاليدنا ... وإليكم بعض الصور المختارة. 
صورة ليلية لنهر النيل أثناء سيرنا من الأقصر إلى أسوان

لفت انتباهي على الطريق هذه اللافتة العجيبة التي لم أفهم معناه لولا سياق الكلام . الفتيس : القير

صورة للفنادق العائمة التي ذكرتها ... وهي سفن ضخمة تجوب النهر بين أسوان والأقصر
بعد أن أخذنا جولة سريعة في تلك السفن العملاقة ... اشتقنا إلى هدوء الغانية .. ذات الجمال الأخَّاذ ... تلك التي زُينت بلآلئ يهتدي بها الحائر الولهان ... إنها الصحراء التي تحوي كل الأفراح تذهب التعب عن الأبدان وتجلو من النفوس الأحزان ... وتقر بها أعين كل نعسان ... نعم إنها الصحراء التي تتجلى فيها عظمة الخالق المبدع ... توجهنا إليها من مدينة أسوان ... لنقضي ليلتنا فيها ومن ثم نعود في الصباح الباكر إليها ... وفي طريقنا نحو الصحراء ... بعد أن خرجنا بحوالي 5كم مررنا بنقطة تفتيش .. ونقاط التفتيش تسمى لديهم "بالكمين" ... وكانت الساعة بين التاسعة والعاشرة ... فوجدنا النقطة مغلقة بحاجز ... استخدمنا المنبه عدة مرات حتى خرج لنا أحدهم مستيقظا من نومه يحمل فانوساً قديما يعمل بفتيل يشتعل بوقود القاز ... فأتا إلينا ... وسأل ماذا تريدون ... فعجبنا له وقلنا نريد المرور ... قال من أين قلنا من مكان بعيد من المملكة ... فعاد ينادى زملائه الآخرون ... فاتا إلينا رجل آخر أعتقد أنه أكثرهم ذكاءً وحنكة ... أعاد السؤال ، فأعدنا الجواب، فقال من أي مكان بالسعودية فقلنا من الدلم ... فقال أنتم أحسن ناس ... فقلت : لن نكون أحسن منكم إن مررنا ... فطلب جوازاتنا ورخصة السير المصرية التي أعطيت لنا عند الدخول ... فأخذ يقلب الجوازات ويعجب ثم يعود ويسأل : " أنتو قاين منين ؟ " فقلت من السعودية ... قال : " أنا عارف بس من أنه حته دخلتوا " فقلت : من الغردقه . قال : " إزاي " فلم أجد له جواباً بعد ذلك .... غير أني قلت له : نحن جئناك بدون إزاي !!!... الرجل أخذ يذهب يستشير زملائه ويقفون مجتمعين يقلبون جوازات السفر وكأنهم في حيرة من أمرهم ... عاد إلينا وقال : كيف أنت موجود هنا وأنت الآن في الغردقة ؟ !!!! فعجبت له وقلت لم أفهم ... قال : " إزاي الختم إلى على الباسبورت بيقول إنك لسا ما طلعتش من الغردءه ... هو مختوم بتاريخ 3 /12 واليوم 4 / 12 ... مش عارف كيف وصلت هنا ... أنت مش موقود دي الوقت هنا ... ) ضحكت وأيقنت أنه لم يستوعب سرعة وصولنا إلى هنا فكيف به لو علم أننا قضينا طوال نهارنا نتجول في أرجاء مدينة الأقصر ... فحاولت أن أشرح له فلم يفهم ... لأنه كان يعتقد أن المسافر سيحتاج على الأقل 3 أيام ليصل من الغردقة إلى أسوان ... وبعد جهد جهيد لم يقتنع إلا أنه احتار فجميع أوراقنا رسمية وصحيحة .... فقلت له : هل الأوراق صحيحة قال نعم ... قلت إذا لا يحق لك أن تأخرنا فافتح لنا الطريق ... قال : " وماله " وفتح الطريق ... وسألنا إلى أين ذاهبون ... فقلنا إلى مدينة حلايب ... قال بعيدة ... قلنا نعلم ، فهي تبعد مسافة تزيد عن 200كم ... ونحن لم نكن نقصدها وإنما من باب التمويه فلو قلنا أننا ذاهبون للنوم في الصحراء فقد يغمى عليه من شدة التفكير ليستوعب ذلك .... والعجيب أن الناس ليلاً لا يسافرون في تلك المناطق عبر طرق الصحراء إلا القليل ... سرنا بعد النقطة قرابة 10كم ثم انحرفنا عن الطريق حوالي 6كم ، أعددنا عشائنا وتناولنه وأبحرنا في نوم عميق تحت لألئ السماء ... ونسيت أن أذكر لكم كيف هو المناخ في الصحراء هناك في فصل الشتاء ... النهار دافئ ... والليل معتدل إلى بارد ... والجو صاف جداً بشكل لم نعتده.
صلينا الفجر وفي الصباح الباكر عدنا أدراجنا نحو مدينة أسوان ... وعندما مررنا بنقطة التفتيش ... وجدناها مفتوحة ... وصاحبنا اكتفى بالنظر في تعجب واستغراب .. وحال لسانه " يانهار اسود " ... لعله يحتاج إلى وقت ليفهم كيف عدنا بهذه السرعة ...
محدثكم في الصباح الباكر ... لم أرى أنظف من هذه الصحراء التي لا يطير منها الغبار ... ولا توجد بها الأشجار

صورة عابرة أثناء عودتنا لنقطة التفتيش التي مررنا بها ليلاً
دخلنا مدينة أسوان ... فدهشنا لما رأينا فيها من غرابة المنظر وجمال التقاء الصحراء بالنهر ... وقبل أن أسهب في ذلك المشهد .. مررنا بالكثير من الآثار فيها كالمقابر الفاطمية ومعبد الفيلة وغيرها... ولم نشأ أن ندخلها لأنها لا تعدوا أن تكون مزارات للعبادة الخاطئة ... ولا يوجد ما يميزها سوى قدمها ... والله المستعان ... وجدنا الكثير من المقابر في مصر حتى الحديثة منها يبنى عليها القباب ... ويتبرك بها... ويدعى أهلها من دون الله ... وهذا خلاف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى أن تتخذ القبور مساجدا وأن تعبد من دون الله ... وخلاف لما كان عليه أصحابه من بعده ... بل فيه شرك بالله سبحانه وتعالى ... وذلك ناتج عن جهل بتلك المسائل الفقهية في العامة منهم ... ولا أعمم فلله الحمد هناك من هم على الحق والصراط المستقيم .... ولكن أين الدعاة الذين تحتاجهم تلك الجموع الغفيرة المتعطشة لفهم ما خفي عنها من أمور دينها .... 
صورة التقطناها أثناء سيرنا على الطريق ... للمقبرة الفاطمية الأثرية ... ونلاحظ البناء والقبب التي تعلوها

مررنا مصادفة بهؤلاء التلاميذ المؤدبين مع أستاذهم الكريم وقد خرجوا في رحلة مدرسية .. في يومهم الأخير قبل إجازة عيد الأضحى ...
وقد عمدت أن أقف وأشاركهم ولو لدقائق معدودة هذه الرحلة ... وقد رحبوا بنا أيما ترحيب .. وسألونا من أين وقلنا لهم من بلاد الحرمين .. فبدت عليهم ملامح البهجة والسرور ... فشكرناهم لذلك لتبقى تلك صورة خالدة في أذهاننا وأذهانهم ... ويا أعزائي القراء لا أذكر مثل هذا الموقف إلا لأذكركم بأنه من الواجب على كل مسافر ومغترب أن يكون سفيراً لبلاده في نقل الصورة الحسنة صورة التواضع والرحمة والود والإخاء ... فو الله لذلك أثر بالغ في نفسك ونفوس من تقابلهم ... وفي موقف آخر أحزننا كثيراً ما سمعته من أحدهم عندما مررت بحي خالد بن الوليد في أسوان ... وتوقفنا لشراء الخبز ... حيث سألنا أحد المارة من أين ؟ فقلت من السعودية . فما كان منه إلا أن رد بقوله : ( إحنا بننداس تحت القزمة عندكم في السعودية ) ... فدخلت معه في حديث لطيف ... وأخبرته أن ما وصلك قد يكون حالة شاذة ... وإلا لما وجدتني بينكم الآن آكل خبزكم وأسمع منكم وأبادلك الحديث ... لو كان الجميع كما تصف أتظن أنني سأستمتع بالحديث معك والنقاش معك والجلوس بجانبك كما هو الآن ... ، فما كان منه إلا أن قال : أستغفر الله ... معليش يا شيخ ... وأخذ ينادي صاحب المقهى جوار المخبز ... كباية شاي على حسابي ... ، وما كان منه إلا أن ودعنا ونحن نغادر المكان بعد إلحاح منه أن نتفضل بزيارته .... أسأل الله أن يحسن نوايانا وأن يجعلنا دوماً سفراء ننقل صورة حسنة لبلادنا قبلة المسلمين ... وأن يهدي شبابنا الذي أساء إلينا دون قصد منه إتباعا لشهوات وملذات لا تقوده إلى خير أبداً. 
صورة من حي خالد بن الوليد والمخبز حيث حصل الموقف السابق ذكره
بعد ذلك توجهنا إلى نهر النيل في أسوان ... لنشاهد جمال المنظر وكيف أن المرتفعات زاحمت النهر على المكان ، وضيقت عليه الخناق حتى اختفت المزارع وتحول الناس إلى صيادين وبحارة وسماسرة سياحة ... وقد استأجرنا مركباً وأخذنا جولة نهرية استغرقت بنا قرابة ساعتين ... زرنا خلالها حديقة النباتات ... وجزيرة النوبة النهرية ... وقد كانت أجرة ذلك المركب زهيدة جداً فلم تبلغ في قيمتها 15% من قيمة مركب مدته ربع ساعة في شواطئ الهاف مون.
سأترككم مع الصور والتعليق أسفل كل صورة

صورة لنهر النيل .. ونلاحظ صفاء مياهه بسبب قربه من مصب السد العالي

صورة للمرفأ النهري الذي استأجرنا منه القارب الذي أقلنا في جولة جميلة داخل النهر

محدثكم في القارب الذي استأجرنا والذي يتسع لـ 25 راكباً

صورة لإحدى السفن الفندقية العائمة التي تجوب النهر أثناء جولتنا

لاحظ التقاء المرتفعات بالنهر وتضيقها له .. ولاحظ في الأعلى آثارا فرعونية مدت منها طرق إلى النهر ... تسمى مقابر النبلاء

جزيرة يطلق عليها حديقة النباتات تحوي العديد من النباتات العالمية

عند مدخل الحديقة النباتية بأسوان

يوجد في الحديقة متحف للنباتات يحوي مئات الأنواع العالمية المجففة ... يتهافت إليها علماء وعشاق النبات

ستعجب مما ستراه من النباتات الغريبة والعملاقة

عظمة الله تتجلى في خلقه ... جذع شجرة غريب جداً

معظم النباتات من بيئات مختلفة من العالم يغلب عليها الاستوائي والمداري وشبه المداري

محدثكم يتفقد آلة التصوير ويعجب من بعض الصور للزميل خالد

الجهة الغربية من جزيرة النباتات ونشاهد ضفة النهر الضيقة

في نهاية الحديقة يوجد هذا المقهى الذي يقدم الشاي والقهوة والعصير حيث مكثنا فيه بعض الوقت

مسجد وقصة ( مسجد الأغا خان )
أثناء جلوسنا في مقهى الحديقة لتناول الشاي ... لفت انتباهنا مسجد قد بني من الحجر على تل مرتفع من الجهة الغربية للنهر ... وهذا المسجد لم يعمر كالمساجد الأخرى ... فهو لا يعدو أن يكون ضريحاً لرجل يدعى الأغا خان ... وقصته كالتالي :
الأغا خان : كان رئيس الطائفة الإسماعيلية الشيعية ... وكان من أثرياء رجال العالم في فترة الخمسينات ... وقد عانى من مرض في عظام قدميه ... وفي إحدى زياراته لمصر زار أسوان ... واشتد به المرض وذهب إلى أعلى قمة حول النهر يريد الانتحار ... فسقط مغمى عليه .. وحمل إلى الطبيب الذي أكد له بعد الكشف أنه شفي من مرضه ... فاعتقد الرجل أن الرمال هناك أثرت عليه وشفته من مرضه ... فقرر شراء ذالك الجبل أو التل من الحكومة المصرية وبالفعل تم الشراء ... فبنا مسجد هناك وأوصى أن يدفن بعد موته فيه ... وقد توفي عام 1957م ودفن فيه ... ولحقت به زوجته التي أوصت كذلك أن دفن معه في المسجد .. وزوجته فرنسية أسلمت على مذهبه وسمت نفسها البيجوم أم حبيبة ... وقد تولى رئاسة الطائفة الإسماعيلية ابنه ثم حفيده الآن كريم خان الملقب بالأمير كريم خان. 
صورة جميلة لأهالي النوبة الذين يستخدمون الإبل في حياتهم على ضفاف النهر من الجهة الغربية

صورتين أثناء التفافنا حول جزيرة النوبة
بعد أن عدنا إلى المرفأ النهري ... توجهنا نحو السد العالي جنوب مدينة أسوان ... الذي طالما سمعنا عنه وعن بحيرة ناصر التي تنسب لجمال عبد الناصر ... أكبر بحيرة صناعية في العالم تقبع خلفه ... وكنت أعتقد أن هناك حراسة مشددة للمرور فوقه ... ولكن مع الأسف الشديد توجد بوابة مررنا بها دون أن يحدثنا أحد ... والحمد لله الأمن متوفر ... ولكننا عندما صعدنا ذلك السد العظيم ... وانتصفنا فوقه ... وصرنا نرى تلك البحيرة العظيمة خلفه والتي تمتد لأكثر من 300كم وترتفع بكثير عن الجهة المقابلة حيث مصب النهر ... أدركت الخطورة الكبيرة التي يشكلها هذا النهر ... حمى الله تلك البلاد وبلاد المسلمين من كيد الأعداء والمفسدين ... وأما الحافلات السياحية ... فيتم إخراج السياح منها وتمريرهم عبر غرفة كشف ... خلاف المركبات الصغيرة ...
و أغضبني عندما وصلنا إلى أعلى أن التصوير بكاميرا الفيديو ممنوع ... وبالفوتوغرافي مسموح ... ومع ذلك تمكنت من أخذ الصور على عجالة بكلتيهما . 
صورة للجهة الشمالية حيث يواصل النهر سيره بعد أن يخرج من جوف السد محركاً تربينات الكهرباء

صورة لجزء من محطة توليد الكهرباء من مياه النهر التي تتدفق من جوف السد .

صورة لأكبر بحيرة صناعية في العالم ... بحيرة ناصر ... خلف السد العالي ... تمتد لأكثر من 300كم

صورة لجزء من سطح السد ... ونشاهد إلى اليسار الحافلات وغرفة مرور السياح الأجانب
بعد ذلك خرجنا من منطقة السد العالي متجهين إلى مدينة أبو سنبل الواقعة قرب الحدود المصرية السودانية ... وقد تزودنا بوقود إضافي تحسباً لعدم توفر الوقود المطلوب ... حيث أن كثير من المناطق النائية يتوفر بها البنزين 80 أكتاين وهو لا يناسب سيارتنا ... بينما يتوفر الوقود 90 و 92 أكتاين في معظم المدن الأخرى ... و 95أكتاين فقط في المدينة الكبيرة كالقاهرة والإسكندرية ... ولله الحمد لم نحتج للاحتياطي الذي أخذناه ... فقد وجدنا وقود 90 متوفراً في جميع المدن ... ولكن مررنا بمسافات تزيد عن 400كم دون محطات وقود ... وقد لاحظت على وقودهم شيء من الاقتصادية ... وسعره معقول جداً ... فسعر اللتر للـ 80 = 75 قرش وللـ 90 = 175 قرشاً وللـ 92 = 185 قرشاً ، وللـ 95=280 قرشاً تقريباً ... وقصت بأنه معقول جداً إذا ما قورن بالدول الأخرى عدا المملكة وفنزويلا ونيجيريا ...
سرنا من السد العالي إلى مدينة أبو سنبل مسافة 260كم في الصحراء القاحلة ... والعجيب أنها صحراء خالية تماماً حتى من محطات الوقود ... حيث لم نجد إلا واحدة متهالكة ... ويسمون المناطق بأسماء الكيلومترات التي يقطعها الطريق ... فليس عندهم كما عندنا أسماء للبراري والتلال والشعبان ... فهم شعب لا يجوب الصحراء أبداً .. إلا ما ندر عدا سيناء ومنطقة جبال البحر الأحمر ... لذلك لا تجد أثاراً في الصحراء وطرقاً للسيارات كما نشاهده في صحارينا ... والسبب أن الصحاري الغربية من مصر قاحلة جداً فالأمطار لا تسقط إلا نادراً وخلال سنوات عدة ...

صور من الصحراء في الطريق إلى أبو سنبل ... صحراء قاحلة لا يوجد فيها بصيص للحياة النباتية أو الحيوانية

المحطة التي مررنا بها على الطريق خلال 270كم يطلق عليها محطة كيلو ... .

في الطريق لم تخلوا أراضي مصر من أثار الفراعنة ومعابدهم ... لافتة لمعابد نحو البحيرة ... صورت من الاتجاه المعاكس
في الطريق ممرنا بمشروع تشكى المشهور حيث بعض المستثمرين كـ الوليد بن طلال والراجحي والخريف ... يملكون ألاف الأفدنة الزراعية التي يصدر إنتاجها من الفول السوداني وغيره إلى أسواق أمريكا وأوروبا ... وقد سحبت قنوات ري من بحيرة ناصر ... وحفرت أبار ارتوازية تسقي تلك المزارع العملاقة

إحدى اللافتات للمستثمر السعودي الراجحي الدولية
وصلنا إلى مدينة أبو سمبل قرابة الساعة الرابعة عصراً ... وهي مدينة جميلة وهادئة على ضفاف البحيرة قرب الحدود مع السودان ... وهذه المدينة تشتهر بوجود معبد فرعون موسى ... رمسيس الثاني ... والعجيب في ذلك ليس المعبد أو التماثيل فقط ... وإنما قصتها ونقلها من قاع البحيرة إلى الضفة أثناء بناء السد ...
عندما شرعت مصر في بناء السد مع شركات روسية ... تبين لهم أن البحيرة ستغمر كنزاً عظيماً وأثراً فريداً من نوعه ... وهو أكبر تمثال في مصر بعد أبو الهول ... وهو تمثال يعود إلى فرعون مصر الذي ذكر في القرآن الكريم كما يقولون ... رمسيس الثاني ... فقد بنا معبداً ضخماً ... وبجواره آخر لزوجته ... منحوتاً في جبل عظيم ... فاضطرت الحكومة إلى نقل ذلك المعبدين كاملين بجبليهما إلى بر الأمان ... وذلك عن طريق تقطيعهما إلى مكعبات يسهل حملها ونقلها ... وقد رقمت بدقة وعناية فائقة ... ثم نقلت خلال فترة بناء السد وأعيد تركيبها وعادة كما كانت ... والمكان الذي ركبت فيه ... يبعد عن موقعها الحقيقة 300م ويرتفع عنه 100م كما ذكر لنا ذلك ... وقد دهشنا لما رأينه من آثارٍ ومن عظيمِ إنجازٍ في إنقاذها ....
وكالعادة دفعنا رسوما مقدارها 4 جنيهات للدخول ... وأترككم مع الصور ... علماً أن التصوير من الداخل ممنوع ... وبعد عناء وحرص شديدين تمكنا من جلب الصور الثابتة والمتحركة من داخل المعبدين ... 
أوقفنا سيارتنا قرب المدخل ... وتبدو بحيرة ناصر في الخلف وسط الصحراء القاحلة

قبل الدخول يوجد سوق صغير للتبضع ... اشترينا منه قبعتين لتقينا من وهج الشمس حيث الجو يميل للحرارة قليلاً

الجبل الأول الذي نحت فيه تمثال فرعون ومن معه ... لاحظ الجبل وهو مقسم إلى مكعبات بعد نقله .. وهو يطل على البحيرة

أثناء التفافنا حول الجبل ...

الزميل خالد ما بين ضاحك ومندهش لم يراه من حوله

أصنام وتماثيل لم تغني عن أصحابها شيءً تقف شاهدة على هلاك صاحبها ... وآية لمن بعده

من يصدق أن هذه تنقل بكاملها بهذه البراعة ... فراعنة اليوم نقلوها