رحلة لم تتم
هذه قصه وجدتها في أحدى الجرائد الخليجيه فأعجبتني فوددت أن انقلها لكم لتعم الفائده ...
البدايه :
اتخذت قراراً جريئاً بالسفر إلى القاهرة براً مستخدماً سيارتي المتواضعة التي صنعت في العام 1984، وتجاهلت تحذيرات الأصدقاء من طول الرحلة وقدم السيارة، بما يقتضي أن يشارك في الرحلة شخصان على الأقل في سيارة واحدة أو سيارتان لدواعي الاحتياط، إلا أن المسألة في نظري كانت أبسط من كل ذلك، والحذر مهما بلغ أوجه لا يمنع القدر.
كان الجو خريفياً يسمح بقيادة ممتعة، وضعت إلى يميني صندوقا مملوءا بشرائط الكاسيت وبجواره صندوق المثلجات الذي يضم العصائر الطازجة والمياه الباردة وقطع الجزر اللذيذة، وأمامي خريطة الطريق التفصيلية، بينما انتشرت الحقائب والصناديق الكرتونية في جميع أنحاء السيارة، وجمعت كل وثائق السفر في جيب الباب المجاور.
المناطق الجبلية في المملكة العربية السعودية وفي الأردن ثم في شبه جزيرة سيناء رائعة الجمال، ومشهد شروق الشمس من خلف الجبال البعيدة يخلب الألباب. بعد ليلتين وثلاثة أيام وثلاثة آلاف كيلو متر سيراً، وصلت إلى باب منزلي في وسط العاصمة، وقضيت أجازة ممتعة بين الأهل والأصدقاء، وبعد شهرين حان وقت العودة.. قررت زيارة بيت الله الحرام في طريق العودة إلى دبي، خاصة وأن مناسك العمرة لا تحتاج إلى وقت طويل، فجهزتُ كل ما أحتاجه ثم توجهت إلى الأراضي السعودية كما يقتضي طريق العودة، حتى وصلت إلى قرية صغيرة على مفترق الطرق، إذا اتجهتُ يميناً أصل إلى مكة والمدينة بعد مسيرة حوالي ثلاث ساعات، وإذا اخترت المسار الأيسر أصل إلى دبي بعد اثنتي عشرة ساعة.
أوقفت محرك السيارة وطال وقوفي.. الأفكار الجيدة تؤكد أنها رحلة العمر ولا بد من القيام بها، وحان وقتها بعدما مرت الأيام التي داعبت خيالي هذه الرحلة الروحانية إلى الكعبة المشرفة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما الأفكار الشريرة تخبرني أن الأجازة انتهت ولابد من العودة السريعة إلى العمل في صباح اليوم التالي، بالإضافة إلى أن السيولة النقدية قد لا تكفي لإتمام الزيارة والوقود على وشك النفاد و.. و.. وهكذا.
بعد نصف ساعة أدرت المحرك واتجهت يساراً، في الطريق الذي يؤدي إلى دبي، ووصلت إلى مقر عملي في الوقت المناسب يعتريني شعور هائل بالحزن والندم على إضاعة هذه الفرصة لزيارة بيت الله الحرام، وتسلمت مهام عملي شارد الذهن على غير طبيعتي، ولاحظ الزملاء اختفاء روح الدعابة والمرح من سلوكي.
في نفس اليوم جمعني المسجد خلال صلاة الظهر بأعز أصدقائي الذي صافحني بعد الصلاة مهنئاً على سلامة العودة، وكان هذا الصديق سبقني إلى رحلة الحج ثم العمرة في العام السابق، وتعددت زياراته للديار المقدسة بين وقت وآخر.. لاحظ شعور الحزن والندم وعلامات الاكتئاب الذي يغمرني، شرحت له القصة.. قال مبتسماً: لا تيأس يا أخي، فلن تستطيع زيارة البيت إلا إذا أذن لك صاحبه، فإذا لم تحظ بهذا الإذن الآن لعلك تناله لاحقاً، هذا الأمر يقدره المولى عز وجل لأناس ويؤجله لآخرين، انو الحج خلال العام المقبل وسل الله أن يسمح لك بزيارة بيته.
ashig-sfari