أحبتي وأساتذتي الكرام ...
ما أجمل السفر , وما أجمل التنقل بين بلدان العالم لرؤية بدائع صنيعه سبحانه وتعالى , والتمتع بالطبيعة والمناظر الخلابة المنتشرة في اصقاع الأرض .
والسفر فيه فوائد كثيرة :
ومن فوائده : مايلقاه المسافر من الراحة النفسية التي تعيد لجسمه وعقله الحيوية والنشاط , وتغيير الروتين اليومي للشخص طوال العام وبالذات في الحياة العملية ...
والسفر فيه روعة إحساس و متعة لا يعرفها سوى من جربها وعاشها ..
ونعلم جميعا أننا في منتدانا أغلب زائريه وأعضاءه ممن لهم تجارب كثيرة مع السفر والرحلات , ولذلك فهم يعرفون ويدركون تماما حلاوة الإحساس برؤية مناظر فاتنة ومعالم جديدة وغريبة ..
ونعلم كلنا أيضا أن السفر يحتاج لميزانية خاصة , ويحتاج لمبالغ كبيرة ومصاريف كثيرة , والكل عندما يسافر يصرف ويصرف ... ثم يرجع بعد ذلك إلى بلده وهو يحمل غنيمة من الذكريات بعضها جميل
والبعض الآخر مزعج والعودة بالصور والهدايا...
وهناك فئة من المسافرين ممن يتدين ويكلف نفسه القروض المراهقة وذلك حتى يسافر ويستمتع لأيام قليلة ....
والسبب الذي جعلني أسرد هذه المقدمة , هوموقف حصل معي شخصيا حين قابلني شخص مسلم بسيط من إحدى الجنسيات الإفريقية , وبعد حوار بسيط عن الإسلام وأحوال المسلمين في بلاده ....
أجابني وأطلعني على أحوال إخواننا هناك .... ويا ليته لم يعلمني ويا ليته لم يخبرني بشيء .
أحوال لا يعلم بها إلا رب العباد , وقد يكون البعض منكم على علم ودراية بصعوبة العيش في تلك البلدان التي كما وصفها ممن ذهب لزيارتها : رأيت النساء والأطفال يسابقون الكلاب والقطط على المزابل للظفر ولو بلقمة واحدة فقط ....
ولكن الشاهد من طرح هذا الموضوع هو عندما حصل الحوار التالي :-
قال لي : أتعرف كيف هو حال المساجد في بلدتي وفي القرى التي بجوارها ؟؟
قلت له : كيف هو حالها ؟!!
قال : يختارون منطقة تتوسط قريتهم في الصحراء ثم يحضرون كمية من الأحجار الكبيرة ويقومون برصها بجوار بعضها على شكل مربع , ثم يقومون بتنظيف المنطقة المحاط بها الحجارة من أي أوساخ أو حصى , وبالتالي يكون هذا هو مسجدهم ......
في البداية لم أكن مصدقا لكلامه ,,,,, عفوا أقصد لم أكن مستوعبا لوصفه .
بادرته بسؤال : ولماذا لا يتم بناء مسجد مسلح من الطوب والخرسانة ؟! هل يعتبر بناء المساجد غالي هذا الحد ؟؟
ابتسم ابتسامة سخرية ثم قال : هل تعرف كم تكلفة بناء مسجد في إحدى القرى ؟؟
قلت : أعتقد أنه بالملايين " بناءا على تكلفة عمارة مساجدنا " أو أقل من ذلك بقليل لأن عنكم المواد رخيصة
قال : إذا كان مسجد صغير لا تقام فيه الجمعة مابين 12 – 17 ألف ريال
أما إذا كان جامع تقام فيه الجمعة فهو يكلف 20 – 22 ألف ريال
قلت : هذا مبلغ يعتبر قليل وزهيد جدا ...
انتهى الحوار بيننا وانصرف كل منا من حيث أتى , وركبت سيارتي ثم مكثت في لحظة تأمل وتفكر فيما قاله الرجل , قلت سبحان الله 16,000 ريال تجعل الشخص يمتلك مسجدا ويكون باسمه .... وبالتالي كل من صلى فيه وركع وسجد يكون بانيه له نصيب من حسناته .!!!
قلت بيني وبين نفسي : كم صرف الواحد منا على رحلاته وسفرياته !! ! ولم يفكر يوما أن يصرف مثل المبلغ الذي يصرفه في سفره على باب من أبواب الخير ينفعه في قبره وآخرته ... ويكون هذا المال هو السيل الي يدر عليه حسنات طوال حياته ومماته .
من هنا أحبابي رأيت أن أكتب ماجال في خاطري في تلك اللحظة , وأحببت أن أنصح نفسي أولا ثم أنصحكم وما ذلك إلا لحبي لكم جميعا ... كما أننا نصرف على سفرياتنا ورحلاتنا الألوف المؤلفة , نخصص شيئا من هذه الأموال لما سوف ينفعنا في آخرتنا وقبورنا , وحتى نفوز برضى رب العالمين في الدارين.
لأن الله تعالى قال: << وما عند الله خير وأبقى >>
وقال تعالى: << والآخرة خير وأبقى >>
أعلم أنني لست من الكتاب الماهرين الذين يعرفون كيف يوظفون الكلمات لتعبير مافي نفوسهم
وخواطرهم , ولكن هي كلمات خرجت من القلب وأتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت لقلوبكم وعقولكم .
اسأل الله أن يوفقنا جميعا للعمل الصالح من غير رياء ولا سمعة ... انه سميع مجيب
تهمني ردودكم وآرائكم النيرة
محبكم ابو العصافير