بعض الشوارع كما تبدو في تيومين
خرجت بعد تناول الغداء متجولاً حول المدينة، كنت ألاحظ كثرة استخدام الدراجات الهوائية كوسيلة رسمية للتنقل خصوصاً للشباب، كذلك اهتمامهم الدقيق بالنباتات والزهور، وهي عادة حميدة لم أكن أتوقع أن أراها هنا.ذهبت بعد ذلك إلى جامع عمر بن الخطاب، وهو جامع حديث البناء لم يمضي على عمره سبع سنوات، كان الجامع يبعد حوالي عشرون دقيقة عن وسط المدينة، وصلت إلى هناك قبل صلاة العصر بساعة وربع، فور وصولي إلى الجامع، ومن حسن حظي، مرت سيارة صغيرة بها رجل بشوشو توقف فوراً وألقى علي تحية الإسلام، ترجل الرجل من سيارته، صافحته هو وصديقه، كان الرجل -واسمه جَنّات - وهو أحد جماعة المسجد، يتحدث العربية بطلاقة رائعة، عرض أن يوصلني غداً إلى توبولسك حيث أردت الذهاب، إلا أنني كنت قد حجزت تذكرة القطار مسبقاً.
حكمة الله، رجل من أوزباكستان، يعتني بنظافة المسجد
دخلت إلى داخل المسجد فوجدت رجل يقوم بتنظيف والعناية المسجد، اسمه حكمة الله، وهو من أوزباكستان، يعيش ويعمل لخدمة المسجد هنا في سيبيريا، عندما رآني أريد التقاط صور للمسجد منعني فوراً، أخبرته بأنني مسلم قدمت من المملكة العربية السعودية أريد زيارتهم والسلام عليهم، قلت ذلك بشيء من اللغة الروسية الركيكية إلا أنه فهم ما أريد قوله وفرح كثيراً، أخذني لمكان الوضوء، وهو مبنى صغير يقع بالساحة الخلفية من المسجد كما هي العادة في كثير من المساجد التي رأيتها في روسيا، توضأت وصليت تحية المسجد وقرأت من تسير من كتابه الكريم بانتظار وقت أذان صلاة العصر، جلس الرجل بجانبي محاولاً الحديث معي، كان في البداية يمنعني من التقاط صور للمسجد ظناً منه أنني سائح غير مسلم، إلا أنه سمح لي بعد ذلك.
جَنّات رجل بشوش لطيف، التقيت به عند مدخل المسجد، عرض علي إيصالي إلى توبولسك
جامع عمر بن الخطاب
[COLOR=rgba(255, 255, 255, 0.6)]تيومين[/COLOR]
حضر المؤذن في تمام السادسة والنصف مساءاً للأذان لصلاة العصر، فيما بدأ المصلون بالحضور، كان كل من يحضر إلى المسجد يتوجه نحوي بالسلام فوراً، رأيت شاب اسمه محمد كشاف، وهو من غانا، يدرس هنا في تيومين، يتحدث محمد كشاف اللغة العربية بمستوى متقدم جداً، يتحدث كذلك اللغة الإنجليزية والألمانية قليلاً، بالإضافة إلى اللغة الروسية بالطبع، رأيت رجل آخر اسمه إلياس، وطفل اسمه عمر، ومجموعة آخرون، كان أحدهم قد درس في الجامعة الإسلامية على نفقة المملكة العربية السعودية، وكان يتحدث العربية بإتقان أيضاً.
بعد قضاء وقتاً رائع مع هذه الجماعة الطيبة، أوصلني أحدهم إلى مسجد آخر يدعى Sobor يبعد ٢٥ دقيقة عن المسجد الحالي، وهو مسجد قديم جداً عمره أكثر من ١٢٥ عاماً، دخلت إلي المسجد لإلقاء نظرة عامة، كان المسجد بمجمله مبني من الخشب، رأيت رجلٌ كبير في السن يقرأ القران عند مدخل المسجد، سلمت عليه واستأذنته بإلقاء نظرة بداخل المسجد، كان المسجد يحتوي على طابقين، يقع مصلى الرجال في الطابق السفلي فيما يقع مصلى النساء والمكتبة وحلقات تحفيظ القران الكريم في الطابق العلوي، قضيت بعض من الوقت هناك قبل أن أعود إلى وسط المدينة لإلتقاط بعض الصور
صورة جوية بعد غروب الشمس في تيومين
الذهاب إلى توبولسك
محطة القطارات في تيومين
صحوت في اليوم التالي، يوم الأثنين، في تمام السابعة صباحاً، خرجت من المنزل في السابعة وخمس وأربعون دقيقة متوجهاً إلى محطة القطار التي لا تبعد سوى ثماني دقائق بواسطة السيارة، كانت الساعة ثمانية صباحاً عندما وصلت إلى محطة القطار، فيما كانت رحلة القطار والمتوجهة إلى توبولسك في الثامنة والنصف.دخلت إلى داخل المحطة فوجدت جميع الساعات تشير إلى السادسة صباحاً، كانت ساعة يدي تشير إلى الثامنة، كذلك ساعة هاتفي، توترت قليلاً، لماذا جميع الساعات هنا تشير إلى السادسة فيما تشير ساعتي إلى الثامنة، كنت متأكداً عندما استيقظت من نومي في السابعة، نظرت إلى لوحة المعلومات الخاصة بجميع الرحلات ولم أجد رحلتي المتوجهة إلى توبولسك، فلم يحن موعد الرحلة بعد، خرجت إلى أرصفة القطارات وتحدثت مع موظفة الإركاب، أريتها تذكرة القطار التي أحملها، أشارت إلى الساعة الموجودة بأعلى المبنى، أشارت كذلك إلى الساعة التي بيدها، قائلة أنه لم يحن موعد الرحلة! استسلمت وعدت إلى صالة المغادرة.
شاشة الرحلات
[COLOR=rgba(255, 255, 255, 0.95)]والتي تسير حسب توقيت موسكو
[/COLOR]
تناولت طعام الإفطار أثناء انتظاري، في ذلك الوقت، حضر رجل شرطي طلب رؤية جوازي، كانت تبدو عليه ملامح الهدوء والشدة حتى رأى ظاهر جواز سفري للتحول ملامحه من الهدوء إلى الدهشة، عرفت حينها أنه مسلم، أخذ يري زملائه جواز سفري ويقول لهم ”انه من السعودية، انه مسلم!“ اخذ يتحدث معي كثيراً عن السعودية وأنه يتمنى الحج هذا العام، ارتحت كثيراً عندما رأيته يتبسم، سألته عن اختلاف التوقيت هنا في محطة القطار، اخبرني حينها أن جميع محطات القطار في روسيا تسير على توقيت موسكو فقط! وهذا هو سبب اختلاف التوقيت.عندما اقترب موعد المغادرة هممت بالذهاب، توقفت أمام شاشة المعلومات للحظات لأرى أي رصيف هو رصيف القطار الخاص بي، حضر نفس الشرطي فوراً وأوصلني بنفسه إلى مقصورة القطار، كان لطيفٌ جداً.كان القطار متوقفاً والجميع بالخارج، دخلت إلى المقصورة ووجدت الإمرأة العاملة تقوم بغسيل وتنظيف جميع أرجاء المقصورة، طلبت مني وضع حقيبتي والإنتظار في الخارج حتى يحين وقت المغادرة، كان القطار في سيبيريا قطار مبيت، أي يحتوي على أسرة بجميع مقصوراته ولا يحتوي على مقاعد عادية، ناولتني العاملة أغطية السرير لأضعها بنفسي على سريري، فعلت ذلك وانتظرت في الخارج إلى حين موعد المغادرة.