رحلة ماليزيا 01(بقلم فضاء 2)
لست أول من اتجه إلى ماليزيا كوجهة سياحية. و لن أكون آخر من ذهب. و لم أرى زيادةً عن ما رأى غيري، بل أجزم لكم أنني لم أرى شيئاً بعد. هي تجربة شخصية أحب طرحها عليكم. فإن كان منها فائدة فأحب أن تعم هذه الفائدة.
اليوم الأول الثلاثاء بتاريخ 5/ 10/ 2009م
الجو العام: حكاية أول مرة
أول رحلة طيران: كانت منذ أكثر من 15 عاماً و داخلية من المدينة المنورة إلى جدة (من باب يلا نجرب الطيارة يا بابا هييييييييه!) أيامها كان مطار دوميستك فقط.
أول رحلة دولية طويلة: هي هذه من المدينة المنورة، الرياض، كوالالمبور (طويلة جداً لدرجة الترنح أثناء النزول من الطائرة بعد هبوطها و آسف على كثرة الفلسفة، وكأنني عاد قمت برحلات دولية قصيرة، الرجاء التغاضي!). لن أخفي أسفي حين رأيت مطار المدينة المنورة، و الذي أصبح مطاراً دولياً و لله الحمد، و قد آل لذلك الحال (كآبة، فوضى و عتمة). أقسم لكم أنهُ كان أفضل منذ خمسة عشر سنة. أخجل من عرض أي صور فمن تمكن من رؤيتهِ هنيئاً له، أعفاني! و من لم يره هنيئاً له أيضاً. الرياض، لم أر منها سوى أضواءها في آخر ساعات الليل. أخيراً مطار كوالالمبور (لن أقارن، فأنا أكره هذا الأسلوب، يكفيني أن أقول عييييييب يا خطوط السعودية! و الله عيب!)
أول منظر: نافذتي كانت مطلة على أجمل كتلة حديدية طيلة 12 ساعة في رحلتنا السعيدة. نعم.. الجناح! (تذكرت حين كنت أشرح لطالباتي عن كيفية قياس طول الجناحين للطائرة أو الطيور! و المعروف بكلمة wingspan) منظر رحلتي جزء من wingspan ناهيك عن نظرة كريمة من أحد الـjets جزاه الله خيراً.
أول آيات قرأتها مع الإقلاع: من سورة النور و توقفت عند قولهِ تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } سورة النور، آية (35)
أول اكتشاف نفسي: اكتشفت أنني لا أعاني من (فوبيا) أي رهاب من الأمور التالية: الأماكن الضيقة أو المرتفعات أو الطيران، الحمد لله. و لكن اكتشفت أنني أخاف الماء. تابع القراءة لتعلم كيف و متى!
أول فرض صلاة على متن الطائرة: كانت صلاة الفجر فوق المحيط الهندي (يا سلام على المطبات الهوائية و أنت تستقبل القبلة أو على وشك السجود أو الركوع، لن أتحدث بالتفصيل عن هذا الشعور بالذات، لكن يكفيكم أن معدتي لم تكن في المكان الصحيح!).
أول حوسة: دورة المياه في الطيارة، دقيقة صمت على المناظر و الفوضى التي رأيتها. أكثر من 10 دقائق لأتوضأ و أستعد للصلاة، أشفقت على أصحاب الأوزان الزائدة و فارعي الطول، لم أتوقع هذه المعاناة أثناء القيام بالوضوء! هذا و أنا ضمن معدل المتوسط، عانيت كثيراً.
أول أشعة للشمس: كانت و نحن على ارتفاع شاهق فوق شبه القارة الهندية. ما أجمل الشروق و أنت في السماء و كأنها أرضٌ فوق الأرض لها شروقها و غروبها الخاص.
أول درس جغرافي جوّي: كانت الرحلة نحو الشرق إلى جنوب شرق. فـ(غداً) أتى سريعاً و الصباح استحال ظهيرة عند الوصول.
أول تناطح مع السحاب: و لا يمكنني أن أغفل عن إبداع المولى عز وجل في السحاب. فبعضها متراكم كحلوى السكر و بعضها مترابط كفراشٍ من بياض القطن. كثيرةٌ تبدو أسفل منا كالجُـزر و كثيرةٌ من حمتنا كسقفٍ بارد. كثيفةٌ كالحائط و حين نقترب تغدو طريةً خفية لطيفة. فسبحانك يا ربي ما أجمل خلقك.
أول هبوط سيء: و كان من قِبل الكابتن الطيار (حظهُ حلو لا أتذكر اسمه) حين هبطنا في مطار الملك خالد الدولي في الرياض.
أول هبوط سلس: و كان بعد إكمال رحلتنا من الرياض من قِبل الكابتن الدولي الطيار (آسفة أن لا أتذكر اسمه) حين هبطنا في مطار كوالالمبور الدولي.
الوصول: اليوم الثاني الأربعاء بتاريخ 6/10/ 2009م
انطباع أول: التطور مذهل في ماليزيا.. و الخضرة هي اللون الأساسي.
أول لغة: أنا متأكدة أن اللغة الأولى في ماليزيا هي اللغة الإنجليزية و من ثم الماليزية و الصينية و الأوردو. و لولا ذلك لما أصبحت قطباً سياحياً قوي الجذب. لذا لم أشعر بالغربة أبداً فحتى الصغار لديهم القدرة الكافية على التفاعل. خاصةً هؤلاء التي فرضت عليهم ظروف الحياة العمل في سنٍ مبكرة جداً. (ربّ ضارةٍ نافعة!).
أول نخلة لا تثمر: وهي مزارع كثيرة من النخيل ما بين المطار و بين العاصمة كوالالمبور. كنت متأكدة أنها ليست نخيل جوز الهند و كانت لديّ قناعة أنه ليس نخيل رطب. وبعد سؤال السائق أخبرنا أنهُ نخيل يتم استخلاص الزيت النباتي منه. سألتهُ للتأكد أكثر (No fruit for this tree?) فأجابني (No Fruit). و على ذمة السائق إن كان في معلومتي هذه أي خطأ، فأنا بريئة منها و شكراً.
أول قبة: كانت لمسجد في الطريق بين مطار كوالالمبور و العاصمة.
أول علامة للإسلام: الحجاب للسيدات الماليزيات كان مدهشاً. للأمانة، توقعت رؤية السفور بأسوأ صورهِ هناك و لا أُنكر أنني رأيتهُ في السياح. إلا أن النساء المسلمات الماليزيات، بِدأً من اللاتي رأيتهن في المطار كانت طريقة حجابهن كالتالي: تنورة طويلة فوقها بلوزة طويلة تصل لنصف ساقيها بأكمام طويلة و على رأسها طرحة. أسمائهن في الغالب عربية. أما النسبة لهذا الظهور المريح للمسلمات فهو يتفاوت بين المناطق في ماليزيا.
حقيبتي الأولى: طبعاً أنا امرأة.. لذلك من الطبيعي أن أحمل 3 حقائب بينما حمل زوجي حقيبة واحدة فقط. لكن كنت أستطيع الاستغناء عن جميع حقائبي إلا واحدة My Backpack لقد كانت عالمي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. و كما يُقال (يضع الله سرّه في أضعف خلقه) الباك-باك أعجوبة. تحمل فيها لوازم كثيرة و تقذف بها على ظهرك و تسير. أحب أن أسرد لكم محتوياتها لكن في المرة القادمة إن شاء الله.
أول كتاب: عدا مصحفي و الخرائط التي أطلع عليها يومياً. الكتاب الأول الذي تمكنت من إنهاءه في أقل من 10 أيام و ذلك لأوقات الفراغ الكثيرة في الجو و البحر أو البر أثناء تنقلنا بين المناطق. رواية الكاتبة دانيال ستيل (خمسة أيام في باريس). كانت فكرة مجنونة أن أقرأ عن رحلة في رحلةٍ أخرى و لكن كانت تجربة تستحق
أول رحلة بحرية: كانت بين جزيرتين تابعة لماليزيا و هما جزيرة (لانقكاوي Langkawi) و (بيننق Pening) عن طريق عبارة لمدة 4 ساعات. اكتشفت خلالها أنني أخشى البحر فلم أجرؤ على الخروج من مكان الركاب إلى الهواء الطلق. ربما كنت أخشى الشعور بدوار البحر. و أدركت شيئاً، صفحة البحر الممتدة على مدّ البصر موحشة حتى لو كانت في النهار.
أول كاميرا ديجيتال: في رحلاتي و سفري و مناسباتي، كانت الكاميرا التي أستخدمها فيلم فوتوغرافي كانون. و هنا أشكر أخي عبد الرحمن على إعارته لأستخدم الكاميرا الديجتال (Canon Digital IXUS 75). كانت رفيقة سفر ممتعة، صبورة، عملية و خفيفة و لكن بحاجة لشحن دوري. لا يمكنك أن تغفل عن ذلك و إلا سينتهي بك الأمر لاستخدام كاميرا الجوال (هذا إذا تذكرتم أن تشحنوا الجوال يا أبطال). كليك على فلكري لرؤية المزيد من الصور. طبعاً أسفله جوالي (E66).. أجمل ما فيه دقة الصورة العالية خاصةً في الضوء الطبيعي، في الواقع كنت أخطئ بين صور الكاميرا و صور الجوال بعد أن جمعتها في ألبوم واحد!
أول احتفال: المناسبة التي تزامنت رحلتنا معها كانت مهرجان أو عيد هندوسي يُسمى ديبافالي Deepavali. و لم نشهد الاحتفال ذاته بل الاستعدادات له. و بكل براءة سألت عن ماهية هذا الاحتفال أكثر من مرة لأنني اسمع به للمرة الأولى. و كانت الإجابة أنه مهرجان الضوء و هو يوم انتصر فيه الخير على الشر. المدهش أن جميع المراكز التجارية و الفنادق قد تركت مساحة للإبداع بالرسم بالرمل الملون للتعبير عن فرحة الهند بهذا المهرجان. و تراود لي هذا السؤال (لماذا تحتفل ماليزيا بمهرجان هندي هندوسي؟) و السبب أنني شعرت بأنهُ شبه إلزامي. الإجابة (ماليزيا آسية حقيقية) و التفاصيل على هذه الإجابة في الأجزاء القادمة من الرحلة. يمكنكم التعرف على بعض الاحتفالات في ماليزيا بكليك على هذه الصورة.