خمسون نزلاً وفندقاً وموتيلاً توزعت خارج بيروت بمواصفات خاصة ومميّزة
"بيوت الضيافة": السياحة في لبنان ليست "خمس نجوم" فقط!
تجربة جديدة وفريدة من نوعها في لبنان، تنتظر وصول السياح لاثبات فشلها او نجاحها. انها "بيوت الضيافة" التي انتشرت اعتبارا من مطلع العام 2006 في المناطق اللبنانية المختلفة لتشكل انطلاق مشروع السياحة البديلة المسؤولة والمستدامة.
خمسون فندقا متواضعا ونزلا وموتيلا توزعت خارج بيروت ساحلا وجبلا وجردا بمواصفات خاصة ومميزة تناسب مختلف الموازنات وترضي الاذواق المختلفة للسياح.
فما هي بيوت الضيافة؟
واي نوع من الخدمات تقدم؟
والى اي جمهور من السياح تتوجه؟
هنا تحقيق يلقي الضوء على المشروع.
السياحة في لبنان هي "خمس نجوم". هذا ليس انطباعا، ولا هو كلام في معرض الإشادة بنوعية الخدمات السياحية، ولا علاقة للامر بالاشارة مجازا الى توقع ارتفاع اعداد الوافدين الى لبنان هذا الصيف، انها الحقيقة بغض النظر عن انتعاش الموسم السياحي او ضموره.
السياحة في لبنان هي "خمس نجوم"، لأن معظم الفنادق تندرج تحت هذه الخانة، واذا انخفض مستواها فإلى نجمة واحدة أقل، لتصبح فنادق اربع نجوم، مما يبقيها حكرا على الاغنياء الذين يملكون قدرة الحجز في فنادق فاخرة يتمركز معظمها في العاصمة.
ولأن السياحة الناجحة يُفترض ان تكون اكثر شعبية بما يتناسب وكل القدرات المادية المتوسطة وحتى الضعيفة، لا بدّ من توفر خدمات سياحة تناسب اصحاب المداخيل المحدودة، مما يعني اولا وجود فنادق تتماشى والقدرات المادية لجميع الراغبين في زيارة هذا البلد وتمضية بضعة ايام فيه.
وهذا ما بات شائعا في معظم الدول العربية والاوروبية والاميركية المدرجة على الخريطة السياحية.
اما في لبنان فلا تزال التجربة في بداياتها. وقلة قليلة هم الذين يعلمون ان ثمة فنادق متواضعة، باسعار مدروسة جدا، تستضيف اصحاب الامكانات المحدودة او حتى الراغبين في اجراء سياحة بيئية او استكشافية، ولا يرغبون في انفاق موازنة الرحلة بدل منامة في فنادق ذات شهرة عالمية.
اذا سألت أي سائح أو مهاجر أو حتى مقيم أن يعدد لك احتمالات الاقامة خارج حدود العاصمة أو في غير الفنادق المعروفة، فلن ينجح في اعطائك اي معلومات مفيدة، لانه يجهل بكل بساطة وجود غير ما هو شائع وفاخر ومصنف في خانة النجوم الخمس او الاربع في اسوأ الاحوال.
غير أن الفنادق والموتيلات والنزول، باتت كلها متوفرة في المناطق اللبنانية كلها.
التجربة لا تزال في بداياتها وينقصها الاعلام والاعلان لاطلاع المواطنين والسياح على طبيعة الخدمات التي يمكن ان يحصلوا عليها اذا قصدوا اي منطقة في لبنان. ولكن الاكيد ان لا حاجة بعد اليوم ان يقوم السائح بجولة في اقاصي الجرد ويعود ليلا ليبيت في العاصمة بسبب عدم توفر فنادق او اقامات لائقة في الارياف، وذلك بفضل وجود "بيوت ضيافة" موزعة على القرى اللبنانية الممتدة من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب وفي اعالي الجبال وصولا الى المناطق الساحلية.
مبادرات فردية
بدأ العمل على المشروع الذي يحمل عنوان "برنامج الضيافة" مطلع عام 2006، عندما بادرت المنظمة الاميركية لغوث اللاجئين في الشرق الادنى"انيرا"، الى اجراء مسح شامل للفنادق المنتشرة في المناطق اللبنانية المختلفة، وجاءت النتيجة لافتة، اذ تبين وجود عشرات بيوت الضيافة والنزول التي تديرها عائلات او افراد قرروا تحويل بيوتهم السكنية فنادق صغيرة تؤمن لهم دخلا اضافيا، فضلا عن وجود اديرة وبيوت اثرية تؤدي خدمات مشابهة.
ان القيمين على المشروع اختاروا من بين هذه البيوت الموجودة اصلا، 34 نزلا. كما استحدثوا 16 بيت ضيافة بالتعاون مع مشروع "درب الجبل اللبناني" ليرتفع مجموع اماكن الاقامة غير المصنفة التي يدعمها المشروع الى 50، وهي عبارة عن بيوت شباب، وبيوت ضيافة في اديرة، وفنادق صغيرة، وبيوت بيئية، ونزول.
تتميز هذه الاقامات بطابع تراثي خاص، علما انها اماكن صغيرة الحجم نسبيا، يراوح عدد الغرف فيها بين 3 غرف وثلاثين غرفة مزودة بمنشآت خاصة تلبي الحاجات الضرورية للسياح مثل المياه الساخنة والاسرة النظيفة والوجبة الصباحية. ويقع معظم هذه النزول تحت مسؤولية الادارة العائلية، مما يتيح للزائر ان يتواصل مباشرة مع المضيف ويتمتع باكتشاف عمق لبنان باسلوب جديد ومسؤول.
شبكة متكاملة
شمل المشروع ايضا تصميم مواقع الكترونية لكل مركز اقامة، مما يتيح للزائر ان يجري حجزه عبر الانترنت بعدما يطلع على موقع النزل الذي اختاره، ومواصفاته، ونوعية الخدمات المتوفرة فيه، واسعار الغرف.
في المقابل، تم استحداث شبكة اتصال واحدة بين مواقع الاقامات كلها من خلال اطلاق موقع الكتروني شامل وجامع، مما عزز العلاقة بين اصحاب "بيوت الضيافة" المنتشرة في كل المناطق اللبنانية، مما يعني انه بامكان صاحب" بيت الضيافة" في عكار مثلا ان ينصح زواره الذين يرغبون في زيارة الجنوب بالمكان الانسب للاقامة هناك، حيث يلقون خدمة مشابهة واسعارا مدورسة كتلك التي حصلوا عليها في فندقه المتواضع.
وحتى يصبح المشروع كلا متكاملا، كان لا بدّ من التعاقد مع الشركات السياحية التي تؤمن وصول السياح الى لبنان. اذ أدرجت هذه الشركات "بيوت الضيافة" على قائمة خياراتها متيحة امام السياح خوض تجربة جديدة وفريدة من نوعها من خلال الاقامة في فنادق في قلب الطبيعة، لا تضطرهم الى دفع مبالغ طائلة لتأمين منامة لائقة.
لا شك ان وجود فنادق في المناطق اللبنانية كلها تناسب كل الاذواق وتتماشى مع كل الامكانات المادية، من شأنه ان يلعب دورا كبيرا في تشجيع السياحة في شقيها الداخلي والخارجي.
غير ان الفائدة لا تقتصر على هذا الجانب المهم، بل تتعداها لتطول الشق الانمائي وهو اكثر ما تفتقده المناطق الريفية على وجه التحديد. لذا، كان من شأن الاقامات البديلة ان توجد فرص عمل جديدة لأهالي القرى والبلدات اللبنانية. اذ ان العائلة التي حولت بيتها او احد ممتلكاتها السكنية فندقا، امنت عمليا فرصة عمل لكل افرادها الذين يتوزعون في ما بينهم مهمة ادارة هذا المشروع من ألفه الى يائه. فمنهم من يعمل في الادارة، ومنهم من يهتم باستقبال الضيوف، ومنهم من يحضر الطعام.